الجمعة، 23 يناير 2015

تحول اسرائيل من التكتيك إلى الإستراتيجية في التعاطي مع المشكلة السورية .

أحمد الرجيل


تحول إسرائيل من التكتيك الى الإستراتيجية في التعاطي مع المشكلة السورية
منذ انطلاق الموجة السورية من الطوفان الثوري العربي و ما تبعها من إصطفافات طائفية و مذهبية أدت إلى تغير عجيب في لوائح الأعداء و قوائم  الأصدقاء و التحالفات و أدت إلى خفوت نجم حزب الله  و تآكل غير مسبوق في شعبيته التي بناها منذ إنشائه كمنظمة عسكرية مناهضة لإسرائيل بعد انخراطه الرهيب و الدموي في تلك الموجة و التي قطعت أيضا الحبل السري بين فصائل المقاومة المسلحة الفلسطينية من جهة و بين إيران و سوريا الداعمين الأبرز لهذه الفصائل من جهة أخرى بالتزامن مع تدهور غير مسبوق في علاقة هذه الفصائل في غزة بجمهورية مصر العربية ، منذ ذلك الحين و أنا أتساءل عما يمنع إسرائيل من التحرك للاستفادة من هذه الظروف التي لم يَجُدْ الزمان بمثلها من قبل ،  فعلى الرغم من الحيوية و النشاط اللذين ميزا مسيرة إسرائيل منذ قيامها و اللذين تترجمهما على الأرض حربا هنا و غارة هناك و اغتيالا هنالك إلا أن ذلك ظل يحدث في مناخ عام مجمع على عدائها و على ضرورة التصدي لها و محاربتها ( شعبيا على الأقل ) الأمر الذي يجعل من طيشها و عدوانها الدموي في مجمله تكتيكا تظل نتائجه قابلة للشطب و الالغاء تبعا للتسويات السياسية و التوافقات المحلية و الدولية و في غالب الأوقات تكون اختبارات دورية لجاهزية   الخصوم و لنوع و حجم الردود و القدرات و الإرادة ( إرادة التصدي و المواجهة ) .                                                                

  و يبدو أن إسرائيل كانت تنتظر ـ للإجابة على هذا التساؤل ـ وصول تداعيات المشكلة السورية إلى نقطة اللاعودة و الطلاق بالثلاث بين طوائف الأمة و مذاهبها و هو ما قدرته فعمدت بلا حياء أو خفر  إلى عملية القنيطرة التي راح ضحيتها ضباط كبار من إيران و حزب الله ( لا يعني ذلك بالضرورة التباكي على الضحايا  رغم أن ذلك ليس جريمة فهم ليسوا أسوأ من رسامي شارلي على أقل تقدير ) و وسعت على إثرها دائرة حضورها العسكري في الجولان المحتل بهدف خلق وقائع جديدة على الأرض تستبق بها الصياغة الجديدة التي تبدو المنطقة مقبلة عليها في خرق سافر لاتفاق وقف إطلاق النار بشهادة الأمم المتحدة . بهذه العملية وجهت إسرائيل لكمتها الإستراتيجية ـ بعيدا عن التكتيك و المساومات السياسية ـ إلى جباه الجميع مرة واحدة من إيران إلى الثوار مرورا بالحكومة السورية و حزب الله و وصولا إلى الشعوب العربية بذات القوة و التأثير كل حسب موقعه من الجغرافيا السياسية و العسكرية و الثقافية للمنطقة . و مما  يرجح أن العملية ليست تكتيكا هو حجمها بحساب أحجام الضحايا و أوزانهم و بالنظر إلى ما يجب أن تقابل به من ردود ليس من المعقول الاعتقاد بأن إسرائيل لم تأخذها في الحسبان أو أن تدفعها مقابل تكتيكات الشوط الاول ، خصوصا من طرف إيران التي تتزعم أحد أهم المحاور العسكرية و العقائدية في المنطقة و التي ما فئت تتبجح بقدراتها العسكرية المتعاظمة ، و حزب الله أيقونة المقاومة المسلحة ضد إسرائيل و رمز بسالة الجندي العربي المسلم قبل التورط الدموي الرهيب في سوريا الذي كاد يمحي أي ذكر حسن له في النفوس و الذي أهدر به رصيده من الشعبية في أسواق الطائفية و بورصاتها ذلك الرصيد الذي جمعه بدماء أبنائه التي سفكتها إسرائيل في ميادين الشرف و الاستبسال ، و بما ألحق بها من آلام كانت في حصانة منها إلى وقت قريب ، و الذي  قد يسترد بعضا منه  عندما يراجع مواقفه من سوريا و يكون رده على إسرائيل بمستوى التحدي من حيث التصميم على إعادة قطار المقاومة إلى مساره الطبيعي و وجهته المفترضة . كما تشكل هذه العملية ضغطا إضافيا على النظام السوري الذي لم يتوقف طيلة أربع سنوات عن قتل شعبه و تدمير مقدراته و هو الذي أنكفأ إلى الداخل منذ عقود و أدار ظهره لإسرائيل تمطره اللكمات بمناسبة و بغير مناسبة  دون أن تتجاوز ردوده القول بأنها ((ستكون في الزمان و الكمان المناسبين )) ! . كما أنها ( العملية ) تعيد إثارة الشكوك حول طبيعة الهدوء الذي تشهد منه جبهة الجولان ما لم تعرفه سيناء بالرغم من معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية . و لبعض الحركات المسلحة في الثورة السورية نصيبها من اللوم على علاقة مزعومة بإسرائيل ما يستلزم الدخول في نوع من المواجهة معها دفعا للشبهة و دحضا للتهمة . أما النظام الرسمي العربي الذي ذرف الدموع الحارة مشكورا ! على ضحايا عملية شارلي فعليه أن يبرهن على أن عداءه للنظام السوري و حربه على الإرهاب لا يعنيان التحالف مع إسرائيل و لا دعم إرهاب من نوع آخر . أما الشعوب العربية فعليها أن تتساءل عن مدى صوابية الاقتتال المذهبي و التخندق الطائفي الذي وجدت نفسها غارقة فيه من أخمص القدم إلى أعلى الرأس و عن الفائدة المجنية من الغوص في الأحقاد التاريخية و الصدامات العقائدية التي آن لها أن ترحل إلى الدار الآخرة و سيحكم الله فيها و هو خير الحاكمين . هل استطاعت الأمة طيلة أربعة عشر قرنا بما تخللها من فترات القوة و الهدوء أن تردم الهوة العقائدية أو تحل الخلافات المذهبية  فكيف ترمي إلى ذلك حبل أمل الآن و هي في أشد فتراتها ضعفا أكثرها فوضى و اضطراب ؟ و بم ؟  بفوهات البنادق و أنصال السيوف ! و هل خلافة الله في الأرض و عمارتها تتطلب منها امتشاق السلاح و التفاني حتى الفناء دفعة واحدة و هل في ذلك إعلاء لكلمة الله ؟ إن الأمة تمتلك موروثا في التسامح و دروسا عديدة تشهد لها حقبة عمر بن عبد العزيز رحمه الله ـ مثالا  لا حصرا ـ  و موقفه  من الخوارج و هم من أكثر الفرق تشددا و أسرعها إلى السيوف و أشدها استماتة عند اللقاء و وفاء للمبدإ . أخيرا هل سيكون رد إيران مزلزلا كما قالت أم سيكون مقايضة سياسية لحلحلة ملفها النووي و إطلاق يدها في اليمن من خلال التمدد الحوثي الذي أغمض الجميع عيونهم عنه حتى الآن ؟ 

الاثنين، 12 يناير 2015

من أسباب الارهاب الخلط بين التبرير و التعليل

                                                                                                  
أحمد الرجيل
هناك فرق جلي بين التبرير و إيجاد المسوغ للأعمال الإرهابية التي تستهدف الغرب والشرق على حد سواء متجاوزة الفروق الاجتماعية و الثقافية القائمة بينهما و جاعلة من كل مخالف هدفا مشروعا وشرعيا بصرف النظر عن موقعه الديني و العقدي ، وبين التعليل الضروري الذي يرد في طيات أي حديث موضوعي عنها . ذلك أن التبرير هو إضفاء الشرعية على العمل و الموافقة عليه و تبنيه تصريحا أو تلميحا ، أما التعليل فهو تسليط الضوء عليه و إبراز العوامل المؤثرة فيه سلبا أو إيجابا وتبيان الفتائل التي تسعره و توجه دقته و تتحكم في سلوك صانعيه و مقترفيه دون أن يعني ذلك بالضرورة تبنيه أو الموافقة عليه شكلا أو مضمونا .

يجد المتابع للهجوم الإرهابي الذي تعرضت له الصحيفة الفرنسية أعماقه مسرحا لجملة من الأسئلة الموجهة إلى دعاة حوار الحضارات لعل أجوبتها تصحح نهجا خاطئا سار عليه العالم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 م ، ذلك النهج القسري الذي أوجبته العقيدة البوشية ـ و التعبير لديك تشيني نائبه في مأموريتيه ـ و دفعت إليه الجميع دفعا دونما روية أو تفكير، تلك العقيدة التي تقول و بعين حمراء ملؤها التلويح بعصا الويل و الثبور (( من ليس معنا فهو ضدنا )) و التي لم تفسح المجال لأي أحد أو تتيح له متسعا من الخيارات لقراءة ما حدث من زاويته و الإجابة على ما طرحه من تساؤلات بصورة اختيارية بعيدا عن الجبر و التلقين ، أسئلة كان من أبرزها و أبكرها طرحا و أكثرها تعقلا ((لماذا يكرهوننا ؟ )) سؤال كان يمكن أن يكون أصلا تتفرع عنه كافة المقاربات التي تستهدف القضاء على الإرهاب ـ أمنية كانت أم ثقافية ـ و بذات السرعة التي ظهر بها السؤال رغم مركزيته في أي حل مستديم تم سحبه بحجة أنه يقدم المبرر و يوجد العذر للإرهابيين و احتلت مكانه في الصدارة قاعدة بوش فجيشت بها الجيوش و حشدت بها الأحلاف فعربدت فى الكون آلات الموت و الخراب وانحنت لجبروتها الهامات   وانقلبت الدنيا رأسا على عقب و تغيرت العقائد السياسية و رحل كثيرون إلى العالم الآخر ـ حكاما و محكومين ـ و خيم الخوف على كل نفس و في كل مكان ، و كان مركز الجماعات الإسلامية المتشددة وقتئذ أفغانستان و بعض الجيوب هنا و هناك ، أما الآن فهي تتوفر مراكز ثقل معتبرة في باكستان و أفغانستان و مالي و نيجيريا و اليمن و الصومال ، و على مصادر دخل جيدة كالتي لديها في العراق و سوريا ، و الأهم من ذلك أن عمقها البشري لم يعد محصورا في الدول الإسلامية بل أصبح يتمدد باطراد داخل الدول الغربية ما يعني أنها أصبحت شريكا على الأرض ـ بغض النظر عن قيمة أسهمه في هذه الشراكة و حجمها ـ يقنع بنهجه و يجند لأهدافه أنصارا أكثر وعيا و تعلما و خطرا و أعمق فهما و إلماما بالمجتمعات الغربية و أقدر على التواري و تضليل أجهزة الاستخبارات . كل ذلك حققته هذه الجماعات في ظل نهج عام معاد لها عداء معلنا لم يدخر جهدا في محاربتها بهدف القضاء عليها و إنهاءها و كان نصيبه من الفشل عظيما . فإلى متى ستظل عملية كسر الإرادة هذه مستمرة على حساب العقل ؟ لماذا لا يتم وضع حد و سقف لحرية التعبير تأسيا بحدود حرية الانسان التي تنتهي من حيث تبدأ حرية الاخر أو عندما تهدد أمنه و مصالحه ؟ هل فشلت عقيدة بوش و بات من الضروري البحث عن بديل ؟ و أخيرا عود على بدء لماذا يكرهونكم ؟

السبت، 27 ديسمبر 2014

حفل زفاف أم خنجر في الخاصر ؟؟؟



كان يمكن لمشهد إبنة الرئيس و هي محمولة على أعناق الرجال في طقس غاية في الغرابة عن بلدنا و مروثه الثقافي و الاجتماعي أن يمر مرور الكرام لو كان مشهدا دراميا يحكي حادثة تاريخية أو ملحمة شعبية تنتمي إلى عصر من العصورالخالية و كان الظرف الزمني مواتيا من حيث اكتمال التغيير الثقافي و ترسخ مفهوم المساوات ، و لكانت المقاربة السليمة تقتضي وضعه في السياق التاريخي الذي تستعيده الامم بين الفينة و الاخرى من أجل الافادة من إيجابياته ( التاريخ ) و الاعتبار من أخطائه و التحذير منها ، إلا أن ذلك لم بكن واردا ـ للأسف ـ فالمشهد كان حقيقيا دون مونتاج و جاء في وقت تموج فيه الساحة بالصراعات ذات العلاقة بشكله و بالرسالة التي أوصلها ـ و لو من باب الصدفة ـ دونما التباس و أخرجت النظرة إليه من دائرة الحرية الشخصية إلى آفاق المناكفات العامة ، و وضعته في مقام القادح بقوةعلى زناد اختلالات الفوارق الطبقية و المادية و تداعياتها ، وتعاضد على ترسيخ ذلك الشعور ما ولده شكل و لون حاملي العروس ، و المبالغ الطائلة التي صرفت على الحفل في الوقت الذي ينشد معظم المواطنين مؤونة ليلة أو نهار خصصا عندما نقارن ذلك بتصرفات قادة دول أحسن منا حالا و أوسع حيلة و أوفر أسباب عيش . قد يقول لي قائل (( إن الرئيس لم يتزوج و إنما إبنته )) فأقول له (( إنما هي درة عمر جعلتها على صلعة عمرو لسبب يعرفه الفقراء )) . و قدر الشخصيات العامة أن  يخضع كل فعل تقوم به أو قول يصدر عنها لدوامة من التأويل و تأويل التأويل و أن لا يركن في ذلك إلى فرضية حسن النية الذي يلتمس به العذر للناس العاديين و لذلك فإني أعتقد أن الامر يستحق الادانة .  

الجمعة، 5 ديسمبر 2014

عدالة في الشكل و جور في المضمون!


تدلل الأحكام الصادرة على حسني مبارك و نجليه و بعض معاونيه على ما أصاب الثورة المصرية من ضعف و هزال في مشاهدها النهائية و ركونها المتهافت و قبولها اللا مشروط للنهاية التي حددها النظام ، ذلك أن  العمل الثوري ليس حركة إصلاحية تهدف إلى ترميم المؤسسات و تجميلها ، بل هو إزالة كاملة لأدق تفاصيلها و  الصيرورة إلى تشييدها و بنائها فيما بعد ، و يجب أن يظل مستمرا في عنفوانه فترة زمنية كافية حتى يستأصل جذور النظام الذي قام عليه و يفكك بنيته و هياكله التنظيمية و يعيد يركيبها و صياغتها وفق رؤية جديدة و عقيدة جديدة لا تسمح لها بإعادة إنتاج نفسها ودون أن يحرم البلد من خبرتها و تجربتها أو أن يهضمها حقوقها كأفراد . عندما ما قرأت كتابا عن الثورة الفرنسية للمرة الأولى تألمت كثيرا لرؤية رجالها  الوطنيين و هم يساقون إلى المقاصل لحز رؤوسهم الواحد تلو الآخر ببنادق و حراب أصدقائهم بالأمس ، و أمتلئت حنقا على " ما را " و " روبسبير " و غيرهما من رجال لجنة الأمن العام في حقبة ما يعرف بالإرهاب ، إلا أن أحداث التاريخ يبرر بعضها بعضا و يفسره بالقياس و حساب النتائج ربحا و خسارة ، خصوصا إذا كان الحدث المبرَّرُ في صورته و مغزاه يتقدم أشواطا زمنية على عقول معاصريه إن من جهة بعد و عمق النظرة التي وضتعه، أو لجهة ما ترتب عليه لاحقا من نتائج و مآلات ، و إن لم تكن مستحضرة في مخيال صانعيه . لا أبتغي هنا تبرئة فترة الإرهاب من دماء الأبرياء ، و لا الترويج للإقصاء و لا نفي العار الذي يجلل كل أولئك الرجال على ما اقترفوه في حق الشعب الفرنسي ، إلا أنني مع ذلك لا أستطيع تجاهل الجانب الايجابي لها ( حقبة الارهاب ) و النتائج الجيدة التي تحصلت عليها فرنسا من تلك السياسة رغم قسوتها و كثرت ضحاياها خصوصا أن يد العدالة طاولت المجرمين و محاسبتهم . فقد تمكنت لجنة الأمن العام من ضبط الانفلات الداخلي و دفع الغزو الخارجي بل الانتصار عليه  في وقت قياسي و هو أمر لم يكن ممكنا إنجازه  لو كان الجميع يتحرك وفق الحرية التي خرج من اجلها و نالها و لم يعرف ماذا يصنع بها ، فتخيل أن هذا يتظاهر و يقطع الطريق و يعتصم ، و ذاك يهاجم المرافق العمومية و يدمر و يكسر للضغط من اجل تلبية المطالب و هلم جرا ـ و كلها امور تحدث باسم الحرية و الحق في التعبير و الضغط من اجل إسماع الصوت و إجبار الطرف الآخر على الاستماع إليه ـ ، ، و الاعداء على الابواب ، فماذا يفعل الجيش المشكل حديثا قليل المؤن و العتاد هل يتفرغ لفض المظاهرات و حماية المصالح او يذهب إلى الجبهة للقيام بالواجب ؟. في مقابل ذلك الحزم كان الثوار المصريون ـ إن جازت التسمية ـ اكثر إنخداعا بقوتهم و توهموا أن بإمكانهم الحشد متى شاؤوا و الاطاحة بمن لا يرضون و فاتهم أن الثورة ليست من الجبلة و أن الفطرة السليمة لا تستهونها و لا تنزع إليها لما فيها من التضحية بالنفس و إتلافها إلا كملاذ أخير فهي علاج لمرض و ليست ترفا أو نزهة تهفو إليها النفوس و تستمرؤها الاذواق  و لها شرط نادر الحدوث وهو إشتراك الجميع ـ أو الاغلبية الساحقة ـ في السخط و المظلمة و الشعور بضرورة التغيير فإن لم يتحقق لها ذلك كانت حربا أهلية أو فوضى عارمة لا تبقي و لا تذر .و أود القول كذلك أنه ثمة حاجة ملحة ـ لتثبيت أي ثورة ـ إلى إرادة حقيقية و عزم لا يلين ، و قبضة قوية ضاغطة ـ لا مانع أن تكون حديدية لبعض الوقت ـ حتى تستقر الثورة و يشتد عودها و تترسخ في النفوس ثقافتها فتتحصن بذلك من الثورات المضادة و تنعدم فرص العودة إلى الماضي .
     لا يجوز ـ عقلا ـ أن نجرم أي قاض يحكم ببراءة متهم ـ مهما كانت منزلته في النفوس متدنية ـ ما لم تكن الأدلة المقدمة ضده كافية لأدانته ذلك أن القضاء أداة للفصل في المنازعات و البت في الدعاوى و بالتالي إصدار الأحكام استنادا إلى البينات و الأدلة المادية الملموسة و وفقا للقانون، و ليس متنفسا تنفث من خلاله الاحتقانات و تجارى به العواطف أو تسترضى الانفعالات ، و عليه فالملام في الحالة المصرية هو الطيف الثوري الذي لم يكن يمتلك النفس الكافي الذي يمكنه من السباحة في اللجة حتى بلوغ الشاطئ الحقيقي ، و ألقى مرساته ـ من التعب أو الخوف من القادم أو هما معا ـ عند أول ربوة لا حت له في الأعماق خصوصا أن الثورة أبرزت الأحجام الحقيقية على الأرض و أعطت مؤشرا لا تخطئه العين لما سيكون عليه المشهد تاليا ، فرغم أنها لم تعطي أحدا فرصة الاستئثار بالمشهد أو إدعاء الهيمنة عليه ، إلا أنها أبرزت كتلا و أوزانا من طيف معين لم يكن البعض منها في الحسبان. و حجبت بغبارها وُجُوهًا كانت إلى عهد قريب رمزا للنضال ضد الاستبداد و الظلم ، و من أسباب ذلك الاستعجال أيضا ـ إضافة الى اما ذكرت ـ انصراف الاهتمام عن إستكمال الثورة إلى شحذ السكاكين و الاستعداد للفوز بالنصيب الأوفر من جمل بدا للعيان مناخه و منحره . و كانت الحرائق في ذلك الوقت تلتهم الأقسام الشرطية و المديريات الأمنية بما تحويه من أدلة و أوامر مكتوبة أو مسجلة ، زد على ذلك ما كان يتمتع به المسئولون من العلو و الفوقية على النظام  و القانون و مقدرتهم على إصدار الأوامر شفهيا مهما بلغت خطورتها بما لا يخلف دليلا أو  تتمخض عنه تبعة تمهد للمساءلة لاحقا ، و قد يقول قائل بوقوع ذلك عرضيا بالنظر إلى الانهيار الكامل لجهاز الشرطة وقتئذ ‘ إلا أن ذلك الاحتمال غير وارد باعتبار التماسك الممتاز و المحمود الذي ظهرت به المؤسسة العسكرية في تلك الظروف ، الأمر الذي يطرح التساؤل مشروعا عن الأسباب التي جعلتها تحجم عن التدخل و التحرك لوضع حد لتلك الحرائق و الأعمال الإجرامية التي تستهدف محاضر الشرطة و مدوناتها و أدلة إثباتها للوقائع قبل أن تستهدف مقارها ورجالها كل ذلك حدث في خضم ثورة عارمة اجمع الكل عليها بلا استثناء رافعا مطلب التغيير ، و لإن وجد في ذلك المناخ من لا يوافق ذلك التوجه فلن يجرؤ على المعارضة و هو ما يدفع شبهة الخوف من سوء تفسير تحرك من ذلك القبيل أو ردة فعل عليه . حدث ذلك و الثوار يشربون مع الجيش نخب الحرية و الشعب و يتغنون ب ( الجيش و الشعب إيد وحدة ) و الجيش هو ذاته الذي تدخل بكل عنف و دموية لإسقاط مرسي و فض إعتصامات الرافضين لذلك بلا رحمة و لا شفقة رغم شدة الانقسام و الاصطفاف وقتئذ   !.ألم يكن بمقدور الجيش أن يتحرك بذات الحزم و السرعة بهدف حماية ارواح المائتين و "واحد " ـ للأمانة ! ـ  الذين برأت المحكمة المتهمين من دمائهم في تمهيد واضح و فاضح لاستجلاب كبش فداء تتحدد هيويته شيئا فشيئا ، و تأمين حقوق الأفراد في  ضمان العدالة في ماجرى ، و الحفاظ على المرافق العامة و المصالح الحيوية للدولة ؟ سؤال للجيش المصري الذي كلفه مبارك بتولي الأمر لحظة تخليه عن منصبه ، و للقضاء الشامخ ! ذي العيون المغمضة عن حرق الأدلة و إتلافها .
  كانت فرنسا بداية الثورة مرمى و هدف لأحقاد و بنادق ممالك أوربا التي رأت فيها تهديدا حقيقيا لعروشها خصوصا أن الثورة أعلنت وثيقة حقوق الإنسان التي تساوي السوقة بالأشراف و التزمت بنشرها في العالم بقوة السلاح ، و كانت فرنسا حينئذ منهارة إقتصاديا و ينخرها التناقض و تموج ساحاتها بالأضداد ، فهناك اليساريون الذين يريدون قلبها جمهورية و القطيعة مع الملكية و اجتثاثها ، و هناك من يرغب في الإبقاء عليها ملكية دستورية يمتلك الشعب أمره و يحتفظ الملك ببعض الصلاحيات ، و هناك أيضا أنصار الملك و الملكية الذين يريدون العودة بالأمور إلى ما كانت عليه قبل الثورة ، ولكم أن تتخيلوا ما الذي يمكن أن تحدثه هذه الفسيفساء بأمة امتلكت توا حريتها و لا تحوز أي تجربة في ممارستها أو ثقافة متأصلة تحدد ماهيتها و ما يجوز و ما لا يجوز فعله بها .                                                                                                                  

(( قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية  .... )) بهذه العبارة الباهتة أطفأ عمر سليمان وهج الثورة و حرفها عن مسارها تماما ، فقد اعتبر الثوار أن عصر الثورة قد انتهى و حل محله عصر بناء الدولة ، هكذا فجأة ! و أصمتهم آذانهم صيحات الفرح بالانتصار على شخص مبارك و كسر إرادته عن سماع باقي كلمة نائب الرئيس آن ذاك و فهمها و تحليلها (( و تكليفه المجلس الاعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد )) لم يكن من المفيد أو من المعقول أن تتولى مؤسسة أي مؤسسة كانت قائمة في العهد القديم المسئولية إلا تحت الاشراف الكامل و المباشر و الهيمنة التامة لمجلس يشكله الثوار الذين  سالت دماؤهم و فاضت في سبيل التغيير ارواحهم و صودرت حرياتهم طيلة ثمانية عشر يوما هي عمر الثورة ، فلا يحتاج المرؤ إلى عقل خارق ليستنتج ان من تم خلعه بطلت قراراته فكيف يُقْبَلُ تفويضه سلطة  تم تجريده منها بقرار من عموم الشعب أو أغلبيته الساحقة على الاقل إلى من لا يستحقها و لم يدفع فيها ثمنا و بقي موقفه متذبذبا بين الفرجة السلبية و الضغط الخفي على الثوار !، فمن شروط صحة الهبة ثبوت الْمُلْكِ و الحيازة .و ثمة قياس آخر يساعد على توضيح الخلل في الثورة المصرية ذلك أن اللجنة المكلفة بإعداد الدستور الفرنسي ظلت عاكفة عليه في خضم الاحداث  برا بقسمها الذي قطعته على نفسها بألا تنفض مهما واجهت من صعاب حتى تنجزه و منحتها الظروف منقبة ساعدت في جنوح عملها إلى مصالح الامة و ملامسة همومها ، و هذه المنقبة ـ إن جازت التسمية ـ هي أن واضعيه على قدم المساوات ثوار ينشدون الحرية و الامن و الحقوق في العيش الكريم و ليس من بينهم من يستطيع أن يفرض آراءه و أفكاره على البقية و إنما كان الجميع ضعيفا و خائفا و مقتنعا أن القوة و الامن لن يحصل عليها إلا في نظام عادل يخدم الجميع و يُخْضِعُ الجميع ، و لذلك جاء الدستور وفق رؤية الثوار  و منسجما مع إعلانهم لحقوق الانسان ، و على العكس من ذلك جاء الدستور المصري حسب رؤية الجيش الذي يمثل في الركن القوي للنظام و العكاز الذي يتكئ عليه مبارك ، و يثبت ذلك عبارة الشكر الخاطفة التي وردت على لسان الناطق باسم المجلس الاعلى للقوات المسلحة في بيان تسلم الحكم ، و لم يزد على بعض التعديلات البسيطة التي كانت المعارضات لمبارك تطالب بها على مدى سنوات ، و لم يأخذ في الحسبان ما أستجد على الارض و هو أمر ما كان ليحدث لولى خوف بعض السياسيين ممالاح لهم فجر الثورة من حتمية الجلوس على دكة الاحتياط و على هامش السياسة  و الاضواء بعد أن كانوا يتأملون أن موقعهم منهما المتن و الصدارة ، وهم الذين كانوا يشكلون الفريق الاول و اللاعبين الأساسيين  فقرروا التخلي  عن مواقعهم التاريخية ليضمنوا الحد الادنى من المشاركة ، فقدموا الغطاء المدني لتحركات العسكريين فكان ما كان .  

الاثنين، 26 مايو 2014

البكاء على الاطلال

دموع الأفئدة للحبيبة (شكار )
أحمد الرجيل

يَــلاَّلَـــكْ يـَــانَ كـُــونُ أتَــــــوْفْ @@ مَـتْمَـكَّـنْ مَـنَّـكْ عَــادْ الْخَـــــــــوْفْ #


وَ الْـــوَجْدَ ألِّ مَـاهُــو مَـوْصُــوفْ @@ مَــنْ قَـلَّـتْ ـ وَ أسْـقَامَـكْ تَـنْــزَادْ ـ #


شَـوْفَـتَ شَكَـارْ أقَـلَّـتْ شَــــــــوْفْ @@ إنْـيَّـرْكَـلْ وَ الْـمَـقْــــرَنْ وَ الْــــــوَادْ # 









غريب المرافئ

بكاء يحرق المآقي و رثاء يقطع نياط الفلب فرحمة الله على خالد السعدي و أقال الله عثرة العراق
الشاعر العراقي خالد السعدي رحمه الله


غَرِيْبُ المَرَافِئِ
شعر:خالد عبد الرضا السعدي
كمِ انْتَظَرْتُ لُهَاثَ الضَّوءِ مُرتَجِفَا
وَكانَ فَجْريْ قَدِيْماً شاحباً أسِفَا
كمِ انْتَظَرتُ وَسَالَتْ كُلُّ أورِدَتِي
حِبْراً علَى دَربِيَ المجْنُونِ قَد نَزَفَا
علَى خُطَايَ الَّتي لَمْ تَتَّخِذْ وَطَناً
سِوَى رَحيْلٍ إلَيْهِ عُمْريَ انْجَرَفَا
أمْشِي.. وَنَزْفُ دُرُوبِي بَلَّ أمْتِعَتِي
لِلآنَ نَزْفِيَ فَوقَ النَّخْلِ.. مَا نَشَفا
وَإنَّ نَخْلِي عِراقٌ.. وَالسَّما رِئَةٌ
مَخْنُوقَةُ الغَيثِ.. قَصّتْ شَعرَها السَّعفَا
أنَا غَرِيبُ المرافي.. مَنْ يُعَلِّلُني؟
شَواطئُ الأهْلِ تَاهَتْ لَوعَةً وَجَفَا
أنَا شِراعُ الرَّزايا.. ألفُ عَاصِفَةٍ
حَطَّمتُها فـيَّ إذْ غادَرْتُها أنِفَا
أُضِيءُ نَجمَةَ شِعرٍ دفْقُ أحرُفِها
قَصيْدةٌ تَحْضِنُ الآفَاقَ وَالصُّحُفَـا
بَذَرْتُ رُوحِي يَمامَاً في تَلَهُّفها
فَأدمُعي شَجَرٌ في ظلِّها وَرِفَا
لِتَسْتَدِيرَ الَّليَالِي في يَدِي امْرأةً
تُفَّاحُها مِنْ جِنَانِ الرِّقَّةِ اقْتُطِفَا
تِلْكَ الـمُعَـدَّةُ مِنْ يَاقُوتِ أسْئِلَتي
صَارَتْ تُضيفُ لِلَيلِ القَلْبِ مُنعَطَفَا
لا غُصْنَ لِي بَعدَ هذا الجَمْرِ يُرجِعُ لي
بَعْضاً مِنَ الماءِ.. أو كُلِّي الَّذي تَلَفَا
لا حضْنَ لِي الآنَ يَا مَولايَ يَا وَطَني
يُرِيْقُ دِفءَ الأمانِي فَرْحَةً وَصَفَا
سَهرْتُ شَمعاً لَعلِّي أقْتَفِي ألَقَاً
يُعيدُ لِلشَّمسِ أُفْقاً مِنْ فَمي انْكَشَفا
وَهَا تَيَّبَسَ زَرْعُ الرُّوحِ مِنْ سَهَرِي
وَمَرَّ غَيْمِي سَراباً بِالثَّرى الْتَحَفَا
تَغَيَّرَ الأهْلُ.. مَا عَادَتْ دِلالُهُمو
تَزكُو، وَلا نَايُهُمْ بِالطِّيبِ قَدْ عَزَفَا!
تَغَيَّرَ النَّايُ، لَمْ تَطْرَبْ بِضِحكتِهِ
“لَيلَى” وَلا “قَيسُها” بِالأغْنِيَاتِ وَفَا!
وَقَدْ تَغيَّرتُ – طَبْعاً – صِرْتُ مُلْتَصِقاً
بِظِلِّ جُرْحيَ مَعجُونَاً وَمؤتَلِفا
إنَّا اخْتَلَفْنَا.. علَى أفراحِنَا صُوَراً
أمَّا العِراقُ فَفِي الأحْزانِ مَا اخْتَلَفَا
نِصْفِي عِراقٌ، وَنِصْفِي آخرٌ وَطَنٌ
هُوَ العِراقُ.. ولكِنْ منْ دَمِي خُطِفَا
يَا سُرْفَةَ الريحِ دُوْسِي فَوقَ أضلُعِنَا
حتَّى نُعَلِّمَ مَعنَى حُبِّنا السُّرَفَا
وَكَيْفَ يَهزِمُ عُصفورٌ بِريْشَتِهِ
وَحْشاً علَى عُشِّهِ المفْجُوعِ قَد وَقَفَا؟
وَكَيفَ نَحيَا عُراةً مِنْ مَواجِعِنَا
وَنملأ الأرضَ ضَوءً بِالمدَى عَصَفَا؟
وَكَيْفَ.. يَا حُبُّ مُذْ جافَيْتَنَا وَطَناً
مَا كَانَ لِلنَّاسِ إلا عاشِقاً دَنِفَا؟
نُغازِلُ الفَجْرَ في أحضانِ شَيبتِهِ
لِيَسْتَفِيقَ علَى ألْحَانِنا تَرِفَا
وَكَيْفَ نَصْبِرُ صَبراً لا انْتِهَاءَ لَهُ
يَنْمُو بِنَا عَتَبَاً نَبكِي لَهُ.. وَكَفَى؟
هذِي حِكايَتُنا لَيْلٌ بِلا لُغَةٍ
وَ”شهرزادُ” بهِ مَقْتُولَةٌ شَغَفَا
وَ”شَهْرَيارُ” شَرِيدٌ.. مَنْ سَيَحضُنُهُ؟
وَقَصْرُهُ الفَخمُ لَمَّّا عافَهَا انْخَسَفَا
وَلَيلَةٍ بَعدَ ألْفٍ مِنْ تَغَرُّبِنَا
إنَّا صَحَونا علَى شُطآنِها صَدَفا
فَلا الشَّناشِيلُ تَحكي عَن طُفُولَتِنا
وَعَنْ أزِّقَةِ خَوفٍ تَجْلِدُ الضُّعَفَـا
لا كَهْفَ يُؤوي.. وَلا الأمطارُ تَغسِلُني
وَقَلبِيَ الطَّيرُ بِالأسْوارِ قَدْ رسَفا
يَا سُرفَةَ الرِّيحِ لا أرضٌ نَلُوذُ بِها
سِوَى العِراقِ الَّذي في غَفلَةٍ نُسِفَا
نَلمُّهُ الشَّيبَ.. أشلاءً مُبَعثَرَةً
وَيَنْفَخُ الطِّينُ في الأحْداقِ حَيْثُ غَفَا
هُنَا وَقَدْ كَانَ يَرسُو في مَحَبَّتِهِ
بَحرٌ.. وَمِنْ كَفّهِ الشَّلالُ كَم غَرَفَا!
يَا أيُّها البَحْرُ عَلَّمْنَاكَ أُحْجِيَةً
وَإنْ تَورَّطَ فِيْنَا الموْتُ وَاحتَرَفَا
إنّ العِراقَ دُمُوعُ الشَّمسِ أوَّلهُ
وَدَمْعُ آخِرِهِ فِي مُقْلَتيَّ طَفَا
***
بعقوبة – 2005

هكذا يجب أن نكون

أحمد الرجيل
كثيرا ما نسمع الحكومة تأخذ على المعارضة أو على المواطن العادي الذي ينتقدها  ـ والذي ليس في عير المعارضة و لا نفير الحكومة ـ أنهما لا يشيدان بما أنجزت من مشاريع و لا يريان الا الجزء الفارغة من الكأس لهؤلاء أقول : عندما تشيد المعارضة بمنجزات الحكومة فإنها لم تعد معارضة بل أصبحت مولاة تتخفى في ثوب المعارضة و يجب أن تنتظم نهارا جهارا في سلك هذه الموالاة و يصبح ما تبدي من الملاحظات لا يخرج عن النقد الذاتي الذي يراد منه تحسين الأداء و توخي الأحسن و الأفضل ، لا يعني ذالك أن المعارضة في حد ذاتها مبدأ و لا خط دائم بل هناك محطات في حياة الأمم و الشعوب لا تقبل أقل من الاجماع لأنها ثوابت يجب أن تبقى فوق الاختلاف و التجاذب إذ هي الاطار العام الذي تدور داخله بيقة التفاصيل الأخرى و لا تمثل خصوصية لأحد ، و لا يمكن إحتكارها من قبل أحد . و المعارضة في حقيقتها مشروع تنموي في الظل مجهز للصدارة و الخروج الى الأضواء يوازي تماما المشروع الذي تنفذه الحكومة ، فإذا رأت المعارضة في الحكومة و إنجازاتها ما يستحق الاشادة فإن ذلك إعتراف ضمني بعدم حيازتها لما هو أفضل و الاشادة بالتالي و الحال هذه هي إفشال دعائي لبرنامجها و تستهدف ـ جديا ـ مبرر وجودها ( المعارضة ) وهو امتلاك البديل الأفضل لما هو قائم ، و القدرة على سد الفراغ في حال فشل المشروع الحكومي ، و يجدر التنبيه أن الفشل هنا لا يعني الفشل المطلق إذ لم يسجل التاريخ أن نظاما أي نظام فشل فشلا كاملا بل هناك دائما نجاح بقدره تكون الحاجة إلى البقاء أو الرحيل . أما المواطن فإن ما يعنيه و ما يمثل له الهاجس الحقيقي هو ما لم يتحقق فمهما كان ما أنجزه  النظام و الحكومة فإنه لا يكفي إلى الأبد و سرعان ما تظهر الحاجة الملحة إلى غيره بعد الافاقة من سكرة الانبهار به ، رغم  انبنائه عليه ، زد على ذلك أن انخراط الجميع الجميع في الاشادة و التمجيد يساهم بشكل فعال في الفساد و التأليه و يتأكد ذلك عندما تكون هذه الانجازات متواضة أو معدومة قياسا بحجم التكلفة أو إذا ما قورنت بمثيلاتها في البلدان المجاورة . و في المجمل يمكن القول للحكومة : أعملي وفق المستطاع دون إهتمام بالثناء ، و للمعارضة أن تعارض دون أن تلتفت إلى تلميح البعض و إتهامها بسبب إختزال هذا البعض للوطن في ذات المؤله ! مع مراعات مصلحة الأمة ، وللمواطن أن لا يقبل منهما إلا المزيد.   

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More