‏إظهار الرسائل ذات التسميات الادب الفصيح. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الادب الفصيح. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 26 مايو 2014

غريب المرافئ

بكاء يحرق المآقي و رثاء يقطع نياط الفلب فرحمة الله على خالد السعدي و أقال الله عثرة العراق
الشاعر العراقي خالد السعدي رحمه الله


غَرِيْبُ المَرَافِئِ
شعر:خالد عبد الرضا السعدي
كمِ انْتَظَرْتُ لُهَاثَ الضَّوءِ مُرتَجِفَا
وَكانَ فَجْريْ قَدِيْماً شاحباً أسِفَا
كمِ انْتَظَرتُ وَسَالَتْ كُلُّ أورِدَتِي
حِبْراً علَى دَربِيَ المجْنُونِ قَد نَزَفَا
علَى خُطَايَ الَّتي لَمْ تَتَّخِذْ وَطَناً
سِوَى رَحيْلٍ إلَيْهِ عُمْريَ انْجَرَفَا
أمْشِي.. وَنَزْفُ دُرُوبِي بَلَّ أمْتِعَتِي
لِلآنَ نَزْفِيَ فَوقَ النَّخْلِ.. مَا نَشَفا
وَإنَّ نَخْلِي عِراقٌ.. وَالسَّما رِئَةٌ
مَخْنُوقَةُ الغَيثِ.. قَصّتْ شَعرَها السَّعفَا
أنَا غَرِيبُ المرافي.. مَنْ يُعَلِّلُني؟
شَواطئُ الأهْلِ تَاهَتْ لَوعَةً وَجَفَا
أنَا شِراعُ الرَّزايا.. ألفُ عَاصِفَةٍ
حَطَّمتُها فـيَّ إذْ غادَرْتُها أنِفَا
أُضِيءُ نَجمَةَ شِعرٍ دفْقُ أحرُفِها
قَصيْدةٌ تَحْضِنُ الآفَاقَ وَالصُّحُفَـا
بَذَرْتُ رُوحِي يَمامَاً في تَلَهُّفها
فَأدمُعي شَجَرٌ في ظلِّها وَرِفَا
لِتَسْتَدِيرَ الَّليَالِي في يَدِي امْرأةً
تُفَّاحُها مِنْ جِنَانِ الرِّقَّةِ اقْتُطِفَا
تِلْكَ الـمُعَـدَّةُ مِنْ يَاقُوتِ أسْئِلَتي
صَارَتْ تُضيفُ لِلَيلِ القَلْبِ مُنعَطَفَا
لا غُصْنَ لِي بَعدَ هذا الجَمْرِ يُرجِعُ لي
بَعْضاً مِنَ الماءِ.. أو كُلِّي الَّذي تَلَفَا
لا حضْنَ لِي الآنَ يَا مَولايَ يَا وَطَني
يُرِيْقُ دِفءَ الأمانِي فَرْحَةً وَصَفَا
سَهرْتُ شَمعاً لَعلِّي أقْتَفِي ألَقَاً
يُعيدُ لِلشَّمسِ أُفْقاً مِنْ فَمي انْكَشَفا
وَهَا تَيَّبَسَ زَرْعُ الرُّوحِ مِنْ سَهَرِي
وَمَرَّ غَيْمِي سَراباً بِالثَّرى الْتَحَفَا
تَغَيَّرَ الأهْلُ.. مَا عَادَتْ دِلالُهُمو
تَزكُو، وَلا نَايُهُمْ بِالطِّيبِ قَدْ عَزَفَا!
تَغَيَّرَ النَّايُ، لَمْ تَطْرَبْ بِضِحكتِهِ
“لَيلَى” وَلا “قَيسُها” بِالأغْنِيَاتِ وَفَا!
وَقَدْ تَغيَّرتُ – طَبْعاً – صِرْتُ مُلْتَصِقاً
بِظِلِّ جُرْحيَ مَعجُونَاً وَمؤتَلِفا
إنَّا اخْتَلَفْنَا.. علَى أفراحِنَا صُوَراً
أمَّا العِراقُ فَفِي الأحْزانِ مَا اخْتَلَفَا
نِصْفِي عِراقٌ، وَنِصْفِي آخرٌ وَطَنٌ
هُوَ العِراقُ.. ولكِنْ منْ دَمِي خُطِفَا
يَا سُرْفَةَ الريحِ دُوْسِي فَوقَ أضلُعِنَا
حتَّى نُعَلِّمَ مَعنَى حُبِّنا السُّرَفَا
وَكَيْفَ يَهزِمُ عُصفورٌ بِريْشَتِهِ
وَحْشاً علَى عُشِّهِ المفْجُوعِ قَد وَقَفَا؟
وَكَيفَ نَحيَا عُراةً مِنْ مَواجِعِنَا
وَنملأ الأرضَ ضَوءً بِالمدَى عَصَفَا؟
وَكَيْفَ.. يَا حُبُّ مُذْ جافَيْتَنَا وَطَناً
مَا كَانَ لِلنَّاسِ إلا عاشِقاً دَنِفَا؟
نُغازِلُ الفَجْرَ في أحضانِ شَيبتِهِ
لِيَسْتَفِيقَ علَى ألْحَانِنا تَرِفَا
وَكَيْفَ نَصْبِرُ صَبراً لا انْتِهَاءَ لَهُ
يَنْمُو بِنَا عَتَبَاً نَبكِي لَهُ.. وَكَفَى؟
هذِي حِكايَتُنا لَيْلٌ بِلا لُغَةٍ
وَ”شهرزادُ” بهِ مَقْتُولَةٌ شَغَفَا
وَ”شَهْرَيارُ” شَرِيدٌ.. مَنْ سَيَحضُنُهُ؟
وَقَصْرُهُ الفَخمُ لَمَّّا عافَهَا انْخَسَفَا
وَلَيلَةٍ بَعدَ ألْفٍ مِنْ تَغَرُّبِنَا
إنَّا صَحَونا علَى شُطآنِها صَدَفا
فَلا الشَّناشِيلُ تَحكي عَن طُفُولَتِنا
وَعَنْ أزِّقَةِ خَوفٍ تَجْلِدُ الضُّعَفَـا
لا كَهْفَ يُؤوي.. وَلا الأمطارُ تَغسِلُني
وَقَلبِيَ الطَّيرُ بِالأسْوارِ قَدْ رسَفا
يَا سُرفَةَ الرِّيحِ لا أرضٌ نَلُوذُ بِها
سِوَى العِراقِ الَّذي في غَفلَةٍ نُسِفَا
نَلمُّهُ الشَّيبَ.. أشلاءً مُبَعثَرَةً
وَيَنْفَخُ الطِّينُ في الأحْداقِ حَيْثُ غَفَا
هُنَا وَقَدْ كَانَ يَرسُو في مَحَبَّتِهِ
بَحرٌ.. وَمِنْ كَفّهِ الشَّلالُ كَم غَرَفَا!
يَا أيُّها البَحْرُ عَلَّمْنَاكَ أُحْجِيَةً
وَإنْ تَورَّطَ فِيْنَا الموْتُ وَاحتَرَفَا
إنّ العِراقَ دُمُوعُ الشَّمسِ أوَّلهُ
وَدَمْعُ آخِرِهِ فِي مُقْلَتيَّ طَفَا
***
بعقوبة – 2005

السبت، 24 أغسطس 2013

مئذنة البوح

الأستاذ  الشاعر / محمد الطالب

لأن الخروج من الدم...


فوق الأدلة..فوق التخيل والمستطاع

لأن الريح التي يصافحها الظل..

تذرو التماعي

تسلقت مئذنة البوح صحت..وصحت

أنا سارق النار..

هذي ملامح وجهي..وهذا قناعي

وتلك ظلالي على الماء تمتد شبابة

ومنتهش بالصبابات

بين المحيط وبين الخليج شراعي

وإن دلني جسد في الغياب

إلى سدرة الوطن المشتهى

وحملني الموج من ذكريات الربيع وأنفاسه

قصصاعن كليب..وعن وائل

يوم باعت منشم عطرها

وانتفضنا قراعا وراء قراع

فلا كان هذا السلام

لأدفع من ماء وجهي..

دماء أخي ..ومخرز أمي..وأعتى قلاعي

أنا سارق النار

يرقبني حارس  النار

يقذفني بالرجوم إذا ما مدت إليها ذراعي

يقلقني وتر فاحش

من سراب الهوى وارتياب الشعاع

أنا سارق النار

ناري طفوق النبوءات

ناري انبجاس التوله

ناري هي الأمل المستبد الذي انتظرته ألوف الجياع

فيا أبتا

للديار وتاريخها..للجواري ونخاسها

لكل الموزع بين الغزاة وجلاسها

قرع أجراسها..ومن أذنوا بالصلاة لأمر مشاع

لكل نمير مواكبها ومواسمها..ولي انطباعي

خطاي إلى القدس موحشة 

وسمائي على هامتي سقطت

وهندالتي تتسلل داخل خريطة الشوق

باتت تصافح لون قميص النزاع 

وتلك مآ ذن بغداد صامتة..صارخ صمتها بالوداع

تلوح لي..وجميع المراضع باتت علي محرمة

فمتى يقذف اليم تابوت هذا الضياع ؟؟

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

الشاعر / أدي ولد آدبة
لِمِصْرَ .. الكَوْنُ .. يُمْعُنُ..في العَويلِ
فمِنْ دَمِـــــهَا .. تَفَجَّرً .. ألْفُ نِـــــيلِ
أرَى التـــاريخَ .. يُكْتَبُ .. مِنْ جَدِيـدٍ
ويَلْـتَبِسُ .. الرَّجَـــا .. بالمُسْتَحِــــيلِ
أرَى .. فِرْعَوْنَ .. يَبْنِي .. بالضَّحَايا
لهُ هَـرَمًا .. قَـتِـــيلاً .. في قـتِــــــيلِ
أرَى.. قَـابِـيلَ ..مِنْ هَـــابِيلَ ..تَهْمِى
دَمًا .. كَفَّاهُ .. جِــيلا .. بَعْدَ جِـــيلِ
أيَاابْنَيْ آدَمٍ .. مــــــــــــاذا تَبَـــــقَّى
لِــرَابِعَةٍ .. مِنَ الحُبِّ .. الجَمِـــــيلِ؟!
ورَابِعَةٌ .. تُصَـلِّي .. فِــي دِمَـــاهَا
وتتلو..في اللظى..وِرْدَ الوُصُـولِ؟
أرَابـِعَةُ .. التَّصَوُّفُ - أنْتِ أدْرَى-
رَحِـــيلٌ .. للسَّمَا .. يَاللرَّحِـــــيلِ!
أرَى.."أمَّ الدُّنَا"..اخْتَبَرَتْ بَنِــيهَا
لِيَمْتَازَ العَزيزُ .. مِنَ الذَّلِـــــــيلِ
فمَا بَيْنَ .. انْتِخَابٍ .. وانْقِـلاَبٍ
أرَى أيْقُونَتَيْ : سِلْمٍ .. وغُــولِ
فَيَا أحْرَارَها.. اتَّحِدُوا.. لِتَسْمُو
وكيْفَ تَعُودُ مِصْرُ إلَى الفُلُولِ؟

الخميس، 18 أبريل 2013

غناء الحمام

ماذا يصنع الشعر بالحياة سوى أن يجعلها على مرارتها، عذبة الوقع على نفس الإنسان، ناعمة الملمس لوجدانه، صافية الإيقاع في خاطره؟ الشعر هو الذي يحيل بجماله وجود الإنسان إلى منبع للبهجة.

وإذا كان ابن خاتمة الأنصاري قد ظفر في قراءتنا بوقفة متمعنة فلأنه قد عبَّر عن تيارات أصيلة في وجدان الأندلسيين، من الشعور اللاذع بالغربة والتمنان في أرضهم وخارجها، من الإحساس بجذورهم العربية والتغني بصبا نجد ونسيم الشام. يقول في موشحته السادسة:


يانسيما قد هبّ من نجد/ وسرى بالخيامْ
بحياة الهوى على العتب/ كيف بدر التمام


ولا نتصور أن الشاعر في مقامه الوثير في مدينة ألميرية العامرة أو غرناطة الزاهرة بالقصور المنيفة كان يرى خياماً مثل أهل نجد حينئذ، ولكنه الهوى الماثل في ضميره، حيث يهفو إلى «بدر التمام» وهو في تقديري رمز لكل ما عشق في حياته. ثم يلتقط الشاعر الشطر الأخير من المطلع ليبدأ به المقطع التالي في جديلة محكمة النسيج:


كيف بدر التمام حدثني/ بالرضى يا نسيم
هل تسلّى بنأيه عني/ أم هواه مقيم
وعليم الغيوب لا أثني/ عنه ودي الكريم
ماجرت فوق وجه الورد/ عبرات الغمام
وتثنّت معاطف القضب/ لغناء الحمام


يظل المخاطب هو النسيم الذي يسأله الشاعر عن الحبيب، وهل سلا أم ظل مقيماً على هواه، أما هو فبحق علام الغيوب لم يتراجع عن وده ما دامت الطبيعة على عهدها؟ حيث تجري دموع المطر على صفحة أوراق الورد، وتتثنى عيدان الزهور طرباً وشجواً لغناء الحمائم. ولا نحتاج لمن يذكرنا بأندلسية هذه الصورة في تعبيرها الحميم عن تخلل عشق الطبيعة لنفس الإنسان الشاعر.
أما أن يكون هذا المحبوب شخصاً محدداً، أو طيفاً هائماً في ضمير الشاعر فهذا ما لا يعنيه، ولا ينبغي له أن يشغلنا عن تمثل الحالة الشعرية.
ثم يلتقط الخيط مرة أخرى في جديلة التوشيح من الشطر الأخير ليستهل به المقطع التالي:


لغناء الحمام في قلبي/ رقة ونحولٌ
ذكرتني معاهد القرب/ والزمان الوصول
إن تحل يا مناي عن حبي/ إنني لا أحول
كيف يسلو عن ذلك العهد/ واله مستهام
حاش لله يا منى قلبي/ لست أنسى الذمام


لا يلفتنا في هذا المقطع سوى أمرين، أحدهما طريف وهو وصف غناء الحمام بأنه رقيق وبه نحول، أما الرقة فهي شيء طبيعي، لكن كيف يكون الغناء ناحلاً رشيقاً، وليس غليظاً سميناً؟.
الأمر الآخر هو وصف الزمان بأنه «زمان الوصول» وهو الوصف الذي نظن أنه قد تربى ونما عند تلميذ ابن خاتمة الوفي، وهو لسان الدين بن الخطيب في موشحته الشهيرة التي أبرز فيها «زمان الوصل» في الأندلس، الذي نعثر هنا على نواته الأولى في إشارة موحية ودالة.

ـــــــــــــــــــــــــــ

* الاتحاد الاماراتية

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More