ترتفع
الأصوات هذه الأيام منتقدة أو مباركة الحوار الوطني بين المعارضة و الحكومة الذي يزمع
إجراؤه في غياب أي معطى يدلل على ما يمكن أن يترتب عليه من نتائج تعود بالنفع على
المواطن في حياته الخاصة و على الوطن عموما في مسيرة التنمية و البناء و ذلك استنادا
إلى الأرضية السياسية المهترئة التي يقوم عليها و استنادا إلى المواقع التي يتواجد
فيها طرفاه ، فالنظام لا يشعر بأي نوع من القلق على وضعه الداخلي فهو يجمع في يديه
كافة خيوط اللعبة و يتحكم بالمداخيل و ينفرد بالقرار و كامل الإمكانات في الدولة لفرض رؤيته و حلوله و هو يتربع على الكرسي
مطمئنا لا يضايقه وعي شعبي ضاغط أو مدرك للحقوق أو مميز ـ حتى ـ للطبيعة المفترضة للعلاقة بين الحاكم و المحكوم
. كما لا يزعجه و جود معارضة مؤسسية متماسكة تستطيع تقدم برامج سياسية واضحة تشكل البديل
لما هو قائم , و هوـ علاوة على ذلك ـ أصبح قبلة لكل محبط من أدائها أو فاقد للأمل
في التغيير فقرر التحول إلى ركب الانتهازيين . و هذا الواقع المريض و المنطق الأعوج يدفعان
النظام إلى التصلب و الجلوس على الطاولة مستحضرا افتقار المعارضة إلى أي أوراق
للضغط و خلو سلتها من أي وسيلة للتأثير و هو الأمر يترجح معه عدم تقديم شيء ذي بال
.
أما المعارضة المنقسمة على نفسها و التي لم يطلها من التغيير منذ قيامها غير التحول و التنقل الدائم بين دعم الأنظمة و معارضتها فلا يمكن التعويل عليها في فرض معادلة سياسية تلجم تغول النظام و تخفف من قبضته و ترسي دعائم الحكم الرشيد و هي التي ـ إضافة ضعف البنية ـ تجمع من المتناقضات المشربية و الخلافات الشخصية أكثر مما تتمتع به من المرونة و الاستعداد لتفهم احتياجات المرحلة خارج تصورها هي و الذي أثبت قصوره على أكثر من صعيد و تخلفه عن مواكبة التغيرات الهائلة التي شهدها العالم و انعكاساتها على الداخل ، ولو لم تكن تحمل من العيوب إلا الجمود و الرتابة في هياكلها و مفاصلها القيادية الداخلية لكفى تدليلا على ما ذكرت و هي التي لم تستطع أن تقدم قيادات شابة فاعلة لها رؤيتها الخاصة للأحداث و تصورها للحلول في إطار المشروع الحضاري الذي تتبناه و بقيت ذات الوجوه التي نكن لأشخاصها الاحترام إلا أننا في ذات الوقت نعتقد بانتمائها إلى زمن آخر و أن قدرتها على الإبداع قد توقفت في لحظة معينة بمعنى أنها على المستوى السياسي قدمت ما تستطيع و لم يعد في جعبتها المزيد ، أقول بقيت هذه الوجوه متصدرة المشهد رغم تأثيرات عامل السن في قدرات الإنسان على التفاعل مع المحيط و مجال الحركة .
و جدير بالتوضيح أن الأمر ليس إقصاء للكبار و لا نكرانا لأدوار بعضهم التاريخية التي هي محل إجلال و إكبار إلا أن هذه الأدوار لا تمنح التزكية الأبدية أو الحصانة من النقد ، و لأن طبيعة الحياة و تقلباتها يفرضان عليهم التراجع إلى الخطوط الخلفية في معركة التنمية التي تحتاج الرجل المناسب في المكان المناسب و التي لا بد لها من الحيوية و النشاط المدفوعين من الخلف بالحصافة و التجربة .
أما المعارضة المنقسمة على نفسها و التي لم يطلها من التغيير منذ قيامها غير التحول و التنقل الدائم بين دعم الأنظمة و معارضتها فلا يمكن التعويل عليها في فرض معادلة سياسية تلجم تغول النظام و تخفف من قبضته و ترسي دعائم الحكم الرشيد و هي التي ـ إضافة ضعف البنية ـ تجمع من المتناقضات المشربية و الخلافات الشخصية أكثر مما تتمتع به من المرونة و الاستعداد لتفهم احتياجات المرحلة خارج تصورها هي و الذي أثبت قصوره على أكثر من صعيد و تخلفه عن مواكبة التغيرات الهائلة التي شهدها العالم و انعكاساتها على الداخل ، ولو لم تكن تحمل من العيوب إلا الجمود و الرتابة في هياكلها و مفاصلها القيادية الداخلية لكفى تدليلا على ما ذكرت و هي التي لم تستطع أن تقدم قيادات شابة فاعلة لها رؤيتها الخاصة للأحداث و تصورها للحلول في إطار المشروع الحضاري الذي تتبناه و بقيت ذات الوجوه التي نكن لأشخاصها الاحترام إلا أننا في ذات الوقت نعتقد بانتمائها إلى زمن آخر و أن قدرتها على الإبداع قد توقفت في لحظة معينة بمعنى أنها على المستوى السياسي قدمت ما تستطيع و لم يعد في جعبتها المزيد ، أقول بقيت هذه الوجوه متصدرة المشهد رغم تأثيرات عامل السن في قدرات الإنسان على التفاعل مع المحيط و مجال الحركة .
و جدير بالتوضيح أن الأمر ليس إقصاء للكبار و لا نكرانا لأدوار بعضهم التاريخية التي هي محل إجلال و إكبار إلا أن هذه الأدوار لا تمنح التزكية الأبدية أو الحصانة من النقد ، و لأن طبيعة الحياة و تقلباتها يفرضان عليهم التراجع إلى الخطوط الخلفية في معركة التنمية التي تحتاج الرجل المناسب في المكان المناسب و التي لا بد لها من الحيوية و النشاط المدفوعين من الخلف بالحصافة و التجربة .
و لا
شك أن الحوار مطلب ملح و هو المدخل الوحيد
لكسر الجمود والعدمية في المواقف و لإزالة العوائق و العراقيل التي يوجدها الخلاف و
التجاذب إلا أنه ـ رغم ذلك ـ يبقى مضيعة للوقت ما لم يكن الدافع إليه وعي جماهيري
يحشد الجهود خلف مطلب التغيير للواقع السياسي العبثي الذي تتخبط فيه البلاد منذ عقود
و يترجم ضغطا على النخب المتحاورة حتى تعي أن زمن التأليه و التفويض بلا رقيب قد
ولى و أن هذا الشعب يستطيع إنتاج ما يحتاجه بما في ذلك ممثليه و مسئوليه و ما لم يتم ذلك فلن يتحقق شيء
مهم حاور النظام المعارضة أو لم يحاورها و أشركها في الغنيمة أو أقصاها . و سيبقى
الولاء للسلطة مقدما على الكفاءة و ستبقى الأخطاء بلا محاسبة و الكوارث تتوالى دون
تحقيق جدي يحاسب المقصرين و يردع الإهمال و عدم المبالاة مستقبلا كالحادث الذي
أودى بحياة بعض جنودنا تقبلهم الله شهداء و ألهم ذويهم الصبر و السلوان . و ستبقى
البرامج التنموية الشحيحة رهنا ببيع الضمائر و تزوير الولاء و يقتصر سيف محاربة
الفساد على الخصوم ـ و إن ظل مصلتا فوق رؤوس الموالين ترهيبا ـ ذلك ما يفسر تعاقب
الحكومات على هذا الشعب المسكين دون أن يتغير من واقعه شيء إلا إذا كان تبعا
لإعتبارات المحسوبية و الجهوية أو ما كان مقايضة من أي نوع .
لقد انقلب الجيش على حكومة الأستاذ المختار ولد داداه رحمه الله و قدم في بيانه رقم واحد الكثير من الأسباب التي دفعته إلى ذلك منها ما يتعلق بالاقتصاد و رفاهية المواطن و منها ما يتعلق بالهوية و الانتماء و الحرب و السلم و الأمن و هي أسباب وجيهة و مبررة للتغيير ـ مع التحفظ على ذلك بالانقلاب ـ إلا أن ما تردت فيه البلاد من تدهور على مختلف الصعد و بلغ درجة الانهيار الكامل على صعيد الامل في إرساء دعائم دولة حديثة و حكم رشيد في الفترة ما بين الانقلاب و انتهاء الفترة الأولى من حكم الرئيس معاوية من سنة 1978 ـ 1990 فاق ما سوقت به اللجان العسكرية ( للإنقاذ و الإخلاص و التصحيح ) انقلابها من فساد . فمتى تقتنع الأطراف السياسية أن المراجعة أولى و أجدى من الترقيع ؟ و متى يعلم المواطن أنه لن يحقق شيئا ما لم يصبح معطى فاعلا في المعادلة ؟
لقد انقلب الجيش على حكومة الأستاذ المختار ولد داداه رحمه الله و قدم في بيانه رقم واحد الكثير من الأسباب التي دفعته إلى ذلك منها ما يتعلق بالاقتصاد و رفاهية المواطن و منها ما يتعلق بالهوية و الانتماء و الحرب و السلم و الأمن و هي أسباب وجيهة و مبررة للتغيير ـ مع التحفظ على ذلك بالانقلاب ـ إلا أن ما تردت فيه البلاد من تدهور على مختلف الصعد و بلغ درجة الانهيار الكامل على صعيد الامل في إرساء دعائم دولة حديثة و حكم رشيد في الفترة ما بين الانقلاب و انتهاء الفترة الأولى من حكم الرئيس معاوية من سنة 1978 ـ 1990 فاق ما سوقت به اللجان العسكرية ( للإنقاذ و الإخلاص و التصحيح ) انقلابها من فساد . فمتى تقتنع الأطراف السياسية أن المراجعة أولى و أجدى من الترقيع ؟ و متى يعلم المواطن أنه لن يحقق شيئا ما لم يصبح معطى فاعلا في المعادلة ؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق