كان يمكن لمشهد إبنة
الرئيس و هي محمولة على أعناق الرجال في طقس غاية في الغرابة عن بلدنا و مروثه
الثقافي و الاجتماعي أن يمر مرور الكرام لو كان مشهدا دراميا يحكي حادثة تاريخية
أو ملحمة شعبية تنتمي إلى عصر من العصورالخالية و كان الظرف الزمني مواتيا من حيث
اكتمال التغيير الثقافي و ترسخ مفهوم المساوات ، و لكانت المقاربة السليمة تقتضي
وضعه في السياق التاريخي الذي تستعيده الامم بين الفينة و الاخرى من أجل الافادة
من إيجابياته ( التاريخ ) و الاعتبار من أخطائه و التحذير منها ، إلا أن ذلك لم
بكن واردا ـ للأسف ـ فالمشهد كان حقيقيا دون مونتاج و جاء في وقت تموج فيه الساحة
بالصراعات ذات العلاقة بشكله و بالرسالة التي أوصلها ـ و لو من باب الصدفة ـ دونما
التباس و أخرجت النظرة إليه من دائرة الحرية الشخصية إلى آفاق المناكفات العامة ، و
وضعته في مقام القادح بقوةعلى زناد اختلالات الفوارق الطبقية و المادية و
تداعياتها ، وتعاضد على ترسيخ ذلك الشعور ما ولده شكل و لون حاملي العروس ، و
المبالغ الطائلة التي صرفت على الحفل في الوقت الذي ينشد معظم المواطنين مؤونة
ليلة أو نهار خصصا عندما نقارن ذلك بتصرفات قادة دول أحسن منا حالا و أوسع حيلة و
أوفر أسباب عيش . قد يقول لي قائل (( إن الرئيس لم يتزوج و إنما إبنته )) فأقول له
(( إنما هي درة عمر جعلتها على صلعة عمرو لسبب يعرفه الفقراء )) . و قدر الشخصيات
العامة أن يخضع كل فعل تقوم به أو قول
يصدر عنها لدوامة من التأويل و تأويل التأويل و أن لا يركن في ذلك إلى فرضية حسن
النية الذي يلتمس به العذر للناس العاديين و لذلك فإني أعتقد أن الامر يستحق
الادانة .
0 التعليقات:
إرسال تعليق