![]() |
أحمد الرجيل |
من فضل
الله و منه أن كل آباء الموريتانيين أبطال و مقاومون و كلهم حدث و يحدث عن صولاته
وجولاته وهذه الثلاثة ملايين أعتقد أنها منحدرة من مليوني مقاوم حمل السلاح و جاهد
العدو و كل يوم يخرج لنا أحد هؤلاء ليضع جوهرة كفاحه في سلك سبحاتنا حتى تكتمل
حباتها و حتى يسبح بحمده المتأخرون منا وردا واجبا و آخر من أماط اللثام عن
إسهاماته في تلك الجهود الخالدة كان جد جدي
الذي زارني البارحة و أنا بين النائم و اليقظان و حدثني عن اشتراكه في معركة ( ذيكي
وينها ) و كيف أستطاع هو و المقاومون القلائل أن ينزلوا بالعدو خسائر فادحة و كيف أستطاع
هو بحركة طرزانية أن يجندل قائد الفيلق المعادي
و كان رحمه الله غاضبا على ما قال إنه ظلم وتجاهل ممن كتب التاريخ و أكد عليه رحمة
الله أنه لن يهدأ في قبره ما لم ينصف هو و زملاؤه و تخلد معركة ( ذيكي وينهي ) بشارع
أو مستشفى أو مرفأ و كان ( يتنافظ و يشاير إلين شكيت عن جنحيه لاهي إطيحو ماهو
فالو ) و يضرب بيديه و رجليه حافات القبر محدثا ارتجاجا قويا خشيت أن يحدث زلزالا يرفع
مد أمواج البحر فلا يبقي منا و لا يذر .
كان
واضحا عليه ـ رحمه الله ـ عدم الاكتراث لصرخات الصغار الذين يتضورون جوعا بعد أن عدت
البارحة صفر اليدين مستترا بالظلام عن ( مُولَ الْفُورْ و مول البتيك ) الذين
يتربصان بي بعد أن تعثرت في سدادهما أشهرا عديدة و نجحت في الافلات منهما بالرجوع
متأخر و الهروب مبكرا حفاظا على ما بقي لي من ماء وجه بعد أن أهدر الكثير منه تصبب
العرق من الركض خلف سراب طلب العيش بل قد عدت مستترا عنهم هم حتى لا يروا في عيني
الدموع و الذل و الانكسار فقلت له مستدرا عذره و مشفقا على نفسي يا والدي ألا ترى
ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على من كتب التاريخ ؟ ألا ترى ـ يا رحمك الله ـ هذه
البطون الجائعة و هذه الأفواه المفتوحة الباكية ؟ ألا ترى أن الأولى أن تكون
معركتي مع لقمة العيش الشحيحة حتى لا يتدنس اسمك المقدس عندما يجبر الجوع أحد
هؤلاء الصغار على السرقة أو احتراف القتل ارتزاقا ويسجل في محاضر الشرطة (( هذه
سوأة مجهول بن منكور بن ما ريناه بن ( هيان بن بيان الذي هو أنت ) . )) ؟؟؟ فرد في
غلظة متناهية : ليس بمارو و الحم و امبورو وحده يحيى الانسان . فطرت للوهلة الأولى
فرحا بوجود شيء آخر يمنح الحياة غير هذه الأشياء التي أرهقني طلابها فأنا كل همي
البقاء على قيد الحياة أما التطور و مبارحة المكان و مسايرة العالم رقيا و تقدما فهي
أشياء لا أسمع عنها يقظا و لا تزورني في نومي حلما قبل أن أستحضر أنه يعني حياة
أخرى غير التي أنا فيها و التي قد لا تتوفر لي أسبابها فليس من المتوقع أن تستعمرنا
إمبراطورية الصومال التوسعية ليتاح شرف الجهاد من جديد و تتكرر لنا معركة ( ذيكي
وينهي ) حتى ننال منازل الشهداء و حتى لو فرضنا أن المستعمر حل و احتل فلن يكون ذلك
مبررا للكفاح و لا المقاومة من اجل الحرية لأن المقاومة أصبحت إرهابا و أصبح
الاحتلال محاربة للإرهاب . الحياة التي يعني المرحوم حياة الشهداء قال تعالى : (( وَلاَ
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ
رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ
بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ
هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ
اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) )) ال عمران . و عرفت أن سبب لا مبالاته يكمن في كونه كفي مؤونته
كشهيد فقر و أطمأن أما أنا فأعلم أن موتي إن كان برصاصة فستكون رصاصة حارس إحدى
عمائر الميسورين عندما أقرر أخيرا السطو عليها بعد أن أستنفد كل الطرق الشريفة بلا
جدى .
0 التعليقات:
إرسال تعليق