![]() |
أحمد أرجيل |
عجبا لسبحة الحياة المتتالية
الخرزات مبنى و المتعاكسة ذات الخرزات مضمونا و معنى و السائرة سيرا منتظما سلسا
لا ارتجاج فيه يخل بذلك الانتظام أو يحدث تلكئا في تلك السلاسة حتى لكأنها عقد من
الجواهر النفيسة صيغ خصيصا لأميرة جميلة ليلة زفافها ، فرغم التعارض البارز شكلا و
جوهرا يظل إيقاعها متناغما منسابا لا يستطيع أي منها التفرد بالجادة أو الهيمنة
على السبيل و لا يستساغ منه ذلك لو رامه أو هم به و كأن هذا التجاور لتلك الأضداد ولد شرحا بينا يحتاجه كل معنى على
حده .
فهاهي البداية أصل الأشياء و أساسها
الذي عليه ينبني باقيها و تعني في حقيقتها الشروع في نموها و ازدهارها تذكر دائما
بالنهاية نقيضها و غريمها اللدود بل أكثر من ذلك نراها ( البداية ) و هي تكافح
المؤثرات بعنفوان مجتهدة في الترسخ و التوطد تربي أجنة النهاية و أسبابها ، فعثرات
البداية و سقطاتها تمارين تمد المبتدئ بالقوة الجسدية و تجارب تنمي العقل و تثري
الخبرة في مرحلة من مراحل الحياة إلا أنها في مرحلة أخرى تتحول إلى أسباب و عوامل
للضعف و الوهن و فقدان الذاكرة . و بهذا المعنى اشتركت الرائعتان ( مرثية حسان بن
ثابت رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه و سلم و مديحية أحمد شوقي رحمه الله له ) في الروعة ا
لجمال رغم تناقض المناسبتين فهذى تتغنى بالبداية و تلك تولول على النهاية .
ولد الهدى
فالكائنات ضياء *** وفم الزمان
تبسم وثناء
الروح والملأ
الملائك حوله *** للدين والدنيا
به بشراء
والعرش يزهو
والحظيرة تزدهي *** والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة الفرقان
ضاحكة الربا *** بالترجمان شذية غناء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل
*** واللوح والقلم
البديع رواء
مديحية أحمد شوقي رحمه الله للرسول صلى الله عليه و سلم . أهنئ بها العام
الجديد .
بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ ** منيرٌ،
وقد تعفو الرسومُ وتهمدُ
ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمةٍ **
بها مِنْبَرُ الهادي الذي كانَ يَصْعَدُ
ووَاضِحُ آياتٍ، وَبَاقي مَعَالِمٍ
** وربعٌ لهُ فيهِ مصلىً ومسجدُ
بها حجراتٌ كانَ ينزلُ وسطها ** مِنَ
الله نورٌ يُسْتَضَاءُ، وَيُوقَدُ
معالمُ لم تطمسْ على العهدِ آيها **
أتَاهَا البِلَى، فالآيُ منها تَجَدَّدُ
عرفتُ بها رسمَ الرسولِ وعهدهُ ** وَقَبْرَاً
بِهِ وَارَاهُ في التُّرْبِ مُلْحِدُ
ظللتُ بها أبكي الرسولَ، فأسعدتْ **
عُيون، وَمِثْلاها مِنَ الجَفْنِ تُسعدُ
تذكرُ آلاءَ الرسولِ، وما أرى ** لهَا
مُحصِياً نَفْسي، فنَفسي تبلَّدُ
مفجعةٌ قدْ شفها فقدُ أحمدٍ ** فظلتْ
لآلاء الرسولِ تعددُ
وَمَا بَلَغَتْ منْ كلّ أمْرٍ عَشِيرَهُ
** وَلكِنّ نَفسي بَعْضَ ما فيهِ تحمَدُ
أطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جهدها
** على طللِ القبرِ الذي فيهِ أحمدُ
فَبُورِكتَ، يا قبرَ الرّسولِ، وبورِكتْ
** بِلاَدٌ ثَوَى فيهَا الرّشِيدُ المُسَدَّدُ
وبوركَ لحدٌ منكَ ضمنَ طيباً ** عليهِ
بناءٌ من صفيحٍ، منضدُ
تهيلُ عليهِ التربَ أيدٍ وأعينٌ ** عليهِ،
وقدْ غارتْ بذلكَ أسعدُ
لقد غَيّبوا حِلْماً وعِلْماً وَرَحمةً
** عشيةَ علوهُ الثرى، لا يوسدُ
وَرَاحُوا بحُزْنٍ ليس فيهِمْ نَبيُّهُمْ
** وَقَدْ وَهَنَتْ منهُمْ ظهورٌ، وأعضُدُ
يبكونَ من تبكي السمواتُ يومهُ ** ومن
قدْ بكتهُ الأرضُ فالناس أكمدُ
مرثية حسان بن ثابت رضي الله عنه
للرسول صلى الله عليه و سلم . أعزي بها العام المنصرم .
فيا أيها الحي لا تعميك قوة البداية
و عنفوانها عن ضعف النهاية و خذلانها .
{ (( كل عام و أنتم بخير )) }
0 التعليقات:
إرسال تعليق