السبت، 17 أكتوبر 2015

تعزية و تهنية للعامين الهجريين المنتهي و المبتدئ

أحمد أرجيل

عجبا لسبحة الحياة المتتالية الخرزات مبنى و المتعاكسة ذات الخرزات مضمونا و معنى و السائرة سيرا منتظما سلسا لا ارتجاج فيه يخل بذلك الانتظام أو يحدث تلكئا في تلك السلاسة حتى لكأنها عقد من الجواهر النفيسة صيغ خصيصا لأميرة جميلة ليلة زفافها ، فرغم التعارض البارز شكلا و جوهرا يظل إيقاعها متناغما منسابا لا يستطيع أي منها التفرد بالجادة أو الهيمنة على السبيل و لا يستساغ منه ذلك لو رامه أو هم به و كأن هذا التجاور  لتلك الأضداد ولد شرحا بينا يحتاجه كل معنى على حده .
فهاهي البداية أصل الأشياء و أساسها الذي عليه ينبني باقيها و تعني في حقيقتها الشروع في نموها و ازدهارها تذكر دائما بالنهاية نقيضها و غريمها اللدود بل أكثر من ذلك نراها ( البداية ) و هي تكافح المؤثرات بعنفوان مجتهدة في الترسخ و التوطد تربي أجنة النهاية و أسبابها ، فعثرات البداية و سقطاتها تمارين تمد المبتدئ بالقوة الجسدية و تجارب تنمي العقل و تثري الخبرة في مرحلة من مراحل الحياة إلا أنها في مرحلة أخرى تتحول إلى أسباب و عوامل للضعف و الوهن و فقدان الذاكرة . و بهذا المعنى اشتركت الرائعتان ( مرثية حسان بن ثابت رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه و سلم  و مديحية أحمد شوقي رحمه الله له ) في الروعة ا لجمال رغم تناقض المناسبتين فهذى تتغنى بالبداية و تلك تولول على النهاية .     
ولد    الهدى    فالكائنات    ضياء   ***   وفم     الزمان     تبسم      وثناء
الروح    والملأ    الملائك    حوله   ***   للدين     والدنيا     به      بشراء
والعرش   يزهو   والحظيرة   تزدهي   ***   والمنتهى     والسدرة      العصماء
وحديقة   الفرقان   ضاحكة    الربا   ***   بالترجمان        شذية        غناء
  والوحي  يقطر  سلسلا  من  سلسل   ***   واللوح    والقلم     البديع     رواء
  مديحية أحمد شوقي رحمه الله للرسول صلى الله عليه و سلم . أهنئ بها العام الجديد .
بطيبةَ رسمٌ للرسولِ ومعهدُ ** منيرٌ، وقد تعفو الرسومُ وتهمدُ
ولا تنمحي الآياتُ من دارِ حرمةٍ ** بها مِنْبَرُ الهادي الذي كانَ يَصْعَدُ
ووَاضِحُ آياتٍ، وَبَاقي مَعَالِمٍ ** وربعٌ لهُ فيهِ مصلىً ومسجدُ
بها حجراتٌ كانَ ينزلُ وسطها ** مِنَ الله نورٌ يُسْتَضَاءُ، وَيُوقَدُ
معالمُ لم تطمسْ على العهدِ آيها ** أتَاهَا البِلَى، فالآيُ منها تَجَدَّدُ
عرفتُ بها رسمَ الرسولِ وعهدهُ ** وَقَبْرَاً بِهِ وَارَاهُ في التُّرْبِ مُلْحِدُ
ظللتُ بها أبكي الرسولَ، فأسعدتْ ** عُيون، وَمِثْلاها مِنَ الجَفْنِ تُسعدُ
تذكرُ آلاءَ الرسولِ، وما أرى ** لهَا مُحصِياً نَفْسي، فنَفسي تبلَّدُ
مفجعةٌ قدْ شفها فقدُ أحمدٍ ** فظلتْ لآلاء الرسولِ تعددُ
وَمَا بَلَغَتْ منْ كلّ أمْرٍ عَشِيرَهُ ** وَلكِنّ نَفسي بَعْضَ ما فيهِ تحمَدُ
أطالتْ وقوفاً تذرفُ العينُ جهدها ** على طللِ القبرِ الذي فيهِ أحمدُ
فَبُورِكتَ، يا قبرَ الرّسولِ، وبورِكتْ ** بِلاَدٌ ثَوَى فيهَا الرّشِيدُ المُسَدَّدُ
وبوركَ لحدٌ منكَ ضمنَ طيباً ** عليهِ بناءٌ من صفيحٍ، منضدُ
تهيلُ عليهِ التربَ أيدٍ وأعينٌ ** عليهِ، وقدْ غارتْ بذلكَ أسعدُ
لقد غَيّبوا حِلْماً وعِلْماً وَرَحمةً ** عشيةَ علوهُ الثرى، لا يوسدُ
وَرَاحُوا بحُزْنٍ ليس فيهِمْ نَبيُّهُمْ ** وَقَدْ وَهَنَتْ منهُمْ ظهورٌ، وأعضُدُ
يبكونَ من تبكي السمواتُ يومهُ ** ومن قدْ بكتهُ الأرضُ فالناس أكمدُ
مرثية حسان بن ثابت رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه و سلم . أعزي بها العام المنصرم .
فيا أيها الحي لا تعميك قوة البداية و عنفوانها عن ضعف النهاية و خذلانها .

                                                             { (( كل عام و أنتم بخير )) }

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More