![]() |
أحمد ولد أرجيل |
((فمازال هذا دأبنا و هو دأبها @
لدن أشرقت حتى تضمنها البحر ))
بكن الديمان رحمه الله .
عاشت كل الأمم حياتها بتشعباتها و تقاطعاتها و هزاتها تسلك الشعاب و التشعبات و تتريث عند التقاطعات أو تندفع لا فرق و تتعرض للهزات تخسر بها الكثير أو القليل أو تربح إلا أن كل ذلك بما فيه من محمود أو " مصبور " ( صياغة اللفظ متكلفة ) يصبح دروسا و مكاسب و زادا للمستقبل تقتات به هذه الأمم في قادم أيامها و تعد منه موائد باذخة قرى لضيفان الخطوب و طوارق الدهر تمنعها به أو تديرها - إن كان لا مناص منها - بما يمنع تأثيرها أو يخففه و تكتسب بها الوعي بالمسالك و الدروب المتوجب سلكها بعدها .
نعيش هذه الأيام حمى الوطنية و الاصطفاف المزعوم و الانتصار للوطن من عدو خارجي بعد أن أستنفدت أدوات الحشد الداخلي و التجييش صرفا للأنظار عن الفشل المتراكم في شتى الميادين فلا بأس بخلق جو من الالهاء تحت يافطة التهديد و نذر الخوف .
لا أعرف تماما ما الذي جرى و يجري في السنغال إلا أني متأكد من خلوه من موجب حقيقي لهذا السيل الجارف من الغضب وقرع طبول الحرب فدعونا نناقش الأمر و نحاول أن نستجليه في ظل ما نشاهده في علاقات الدول و قبل ذلك تجدر الإشارة إلى أن (( أللي هو سارق ما تخلعو القصاصة )) و أن ما تنادي به الحركات الحقوقية أو تجار القضايا لو تم التعامل معه بشكل جدي و فعال فلن تؤثر في البلد و لا في لحمته و لا في سلمه دعواتهم و لا مؤتمراتهم أما الرهان على الوصم بالعمالة و التخوين من جهة و الاعتماد على أصوات هنا و هناك من جهةأخرى فإنه لن يحل مشكلة و لن يخلق إجماعا يعول عليه.
صحيح أنه ربما جعل هذه الحراكات تهدأ إلى حين خصوصا أن الأوضاع إذا تأزمت و عم الهرج و المرج تنساق الناس للسير مع الجمع عن قناعة و تحت سيف الخوف من إستغلال الأنظمة لهكذا ظروف في تصفية خصومها إلا أن ذلك لن يدوم ما يعني أن الاشكال سيعود - حتما - بعد أن يكون قد تعمق و تعقدت طرق حله .
في الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الحرة عموما يتزاحم الحقوقيون و المنظمات و معارضو الأنظمة الصديقة لتلك الدول تعقد مؤتمراتها و تصدر بياناتها تدين هذه الدولة و تشجب تلك و تطالب بقطع الدعم عن هذه و حصار تلك و الحبل لهذه المطالب على الجرار . فلماذا لم نسمع خطابات مهددة أو متوعدة ؟ السؤال مجحف فلنصغه بتعبير أخف لماذا لا يكون ثمة ضغط على حكومات الولايات المتحدة و الدول الغربية بهدف لجم و تكميم ضيوفها بحجة أن ذلك يضر أصدقائها و بالتالي قد يمس المصالح المشتركة ؟ لماذا هذه الدول تجمع هذه المتناقضات و حالها في تطور مستمر بينما نحن نستميت في التظاهر بالتجانس المصطنع و نمشي في مسيرتنا التنموية في الاتجاه المعاكس ؟ ألم تحتضن الولايات المتحدة معارضة مسلحة للحكومة الكوبية و تدخلت مرة بشكل مباشر و أخفقت لماذا ؟ لا شك أن لدعم حلفاء كوبا جزء من ذلك و أن بعض الأسباب خافية - لإعتبارات يعلمها المعنيون - و لكن لا شك أيضا أنها لم تستطع أن تجتذب من الكوبيين من يستطيع القيام بإزاحة ذلك الماركسي ذي اللحية غير المهذبة نظرا لأن ما تسوق به عداءها لم يجده الكوبيون مقنعا و لأنها لم ترد أن تفعل ذلك بنفسها .
ألم يجبر السوفييت شعوبه و شعوب و المعسكر الشرقي بقوة الحديد و النار و عندما جد الجد تفكك لأن واقع هذه الشعوب يحمل من بذور الثورة و التمرد ما يتفوق تأثيره على الهواجس و المخاوف . عودوا بالذاكرة إلى الوراء إلى مطلع العشرية الثالث من القرن الماضي الم تكن حركة الحر حركة عنصرية لعينة و من فيها أعداء للوطن أو في أحسن الحالات عنصريون لا يصلحون للقيادة ؟ كم عانينا و نحن غير ناضجين و بلا زاد من علم أو معرفة لننفي العنصرية عن الزعيم و الوالد مسعود ولد بلخير ايقونة حركة الحر - ليس في الأمر إنتقاص لرفاقه لكنه من كان وقتها على الواجهة - أيكم لم يسمع تلك الفرية التي تقول إن مسعود أخذ على نفسه عهدا أن يجهد حتى يجعل ام المؤمنين و فاطمة تعملان عند امبيركه و خدامة ؟ و نظرا لدفن الرؤوس في الرمال آن ذاك و تجاهل الخطر أفاق صانع القرار و أفاقت الثقافة المتحجرة على ابتكار الحركات الحالية لطرح أكثر حدة و راديكالية . أسنحتاج أيضا لأربعة عقود أخرى حتى نكتشف أن إيرا حركة حقوقية بعد أن تبرز لنا حركة أخرى بخطاب آخر هاهي نذره لاحت و هاهي بداياته تتشكل في مقال هنا و منشور هناك . و لسان ينشد
(( أرى تحت الرماد وميض نار@
و يوشك أن يكون لها ضرام .
فإن النار بالعيدان تذكى @
و إن الحرب مبدؤها الكلام .
أقول من التعجب ليت شعري @
أ أيقاظ أمية أم نيام ؟ .
فإن كانوا لحينهم نياما @
فقل قوموا فقد حان القيام )) .
" نصر بن سيار "
هذه الراديكالية أمر حتمي لكل متمرد معزول يتلاقح مع نفسه بعيدا عن التزاوج الطبيعي مع المحيط الذي ينجب أجنة فكرية جديدة هي هجين بين الاثنين تأخذ من ألم هذا و أمل ذاك راسمة طريقا وسطا يصلح مخاضة و معبرا إلى أفق الامل .
جففوا شلالات الأسى تأمنوا شر الحقوقيين و التجار و الابعدين و من في الجوار .
0 التعليقات:
إرسال تعليق