الثلاثاء، 31 مارس 2015

عاصفة الحزم تنعش الأمل في غد عربي

أحمد أرجيل
ترفع " عاصفة الحزم " سقف الآمال للشعوب العربية بما كشفت من إصرار على الدخول بقوة  إلى مواطن التأثير وحماية المصالح و المجالات الحيوية و ما بشرت به من ميلاد لاعب جديد في منطقة الشرق الأوسط حيث مقومات القوة  و النفوذ و دعائمهما من الأموال و التحكم في جغرافية المصالح الدولية حيث تحتضن نسبة معتبرة من احتياطيات الطاقة في العالم و تمر منها خطوط إمداد حيوية إليه ما يمنحها ميزتي "الْمَصْدَرِ و الْمَمِرِّ" و ما يوفران من مردود مادي وموقع إستراتيجي .           ضف إلى ذلك موقع الصدارة التي تحتلها و المرجعية التي تمثلها لمليار و نصف المليار مسلم . فبعد عقود من الزمن كان دور الدول العربية في ما يخص قضاياها الكبرى يقتصر على التمويل بسخاء و التفرج باستسلام على الآخرين و هم يفصلون لها حسب أذواقهم و وفقا لأمزجتهم ها هي تكسر تلك القاعدة و تمسك زمام المبادرة في قضية بالغة الأهمية الخطورة تضعها على تماس ـ يصل حد الاحتكاك المباشر ـ مع قوى إقليمية و دولية ذات حضور عسكري و سياسي هام .                            وتتطلع الشعوب العربية إلى تغير حقيقي في المواقف تجاه بقية قضايا الأمة و إلى تشكيل قوة رادعة دائمة على غرار ما يحدث في اليمن تضطلع بدور الحامي لحماها المستباح منذ سنين ، و إلى تفعيل القوة الناعمة في القضايا التي لا تستطيع فيها التدخل العسكري المباشر بأن تستثمر قدراتها الاقتصادية و دبلوماسيتها ـ التي يبدو أنها لم تعد عديمة الفائدة كما كانت ـ للدفع بمآلات الأمور و نتائجها إلى ما يخدم هذه القضايا و على رأسها القضية الفلسطينية كما تتطلع إلى تكامل اقتصادي بين دولها يغري الأطراف بالالتفات حول المركز ما يمنحه المزيد من الوزن و الثقل في المحافل الدولية و يفيد هذه الإطراف من تجربة المركز و موارده و يخفف القيود على التنقل بينها بإلقاء التأشيرات ـ أو تسهيلها ـ على غرار الاتحاد الاروبي  .                                                                                                 و يمكن توظيف جملة من المعطيات في إنجاح توجه من ذلك القبيل إذا توفرت النية الصادقة و الإرادة الجادة لذلك و من هذه الأمور : 1 ـ التراجع و التآكل المطرد لمحور المقاومة المسلحة ( جناح إيران ) في والجدان العربي بفعل الدور في سوريا و ما جلبه من كوارث و مآسي دفعت معظم الذين يتعاطفون معه إلى منطقة التيه في توصيفهم لحقيقته و ما هيته فمن جهة يجد المرؤ نفسه مجبرا على إكبار و تثمين دور إيران في المواجهات بين حزب الله ( كونه مقاومة عربية كانت لها مكانة مميزة في الشارع العربي قبل قارعة سوريا الداهية ) و بين إسرائيل و كذلك الدعم العسكري البارز لحركات المقاومة الفلسطينية المسلحة في غزة ، إلا أنه بذات القدر من الاندفاع إلى التثمين يجد نفسه ـ أيضا ـ مرتعا للريبة و الشك و التوجس و هو يرى هذا الكم الهائل من القتل و التهجير و التدمير في سوريا و على الهوية و الطائفة والمذهب .                                                                                                 2 ـ الغيمة التي تلبد سماء العلاقات بين العدو الإسرائيلي وأمريكا و ما نجم عن عجرفة نتانياهو في التعامل مع الرئيس الأميركي من فتور في هذه العلاقة و ما أنتجت من إمتعاض لدى الكثيرين حتى من بعض داعميه في الولايات المتحدة صحيح أنها  مجرد غيمة لكنها مؤشر على تراجع مجهري تدريجي في ترمومتر هيمنة إسرائيل على دوائر النفوذ هناك و تعطي الدليل الحي على أن مدها بدأ في الانحسار و ما على الدبلوماسية العربية إلا أن تقدم نفسها ككيان موحد قابل للشراكة و الشراكة فقط بما يضمن تحقيق المصالح المتبادلة و لملئ تلك الفراغات التي أحدثها العدو بطيشه و صلفه .                                                                       3 ـ قد يكون لتدهور أسعار البترول أثر بالغ على مساحة النفوذ الإقليمية لإيران بالحد من قدرتها على الإنفاق في كل اتجاه و هذا يسمح للمشروع الناشئ ـ إذا كان مشروعا ـ أن يتمدد في مجالات انحسارها خصوصا أن الأعباء المالية ستواجهها بشكل جماعي و بقدراتها المادية التي رغم تراجع أسعار النفط تظل ـ بفضل الله و منه ـ قادرة على تغذية أحلامها و مشاريعها .                          إلا أن قابلية هذا اللاعب للحياة و بروزه على مسرح الأحداث إلى أمد بعيد يستلزم جملة من الشروط تجعله قطبا مميزا أو محورا جاذبا لكل مكونات المنطقة العربية بعيدا عن التجييش الطائفي و المذهبي و هو ما يستوجب البدء في ترميم التصدعات و جسر الهوة بين مكونات الأمة و الضرب بيد من حديد على أيدي العابثين بالأمن تحت ستار الانتصار للطائفة أو المذهب و تجريم المساس بالخصوصيات العقدية لأي إنسان و تهيئة بيئة قابلة للتعايش مع الاختلاف دون الاحتكام إلى ما صنع الحداد فبعد 1400 سنة من المناظرات و الحوارات و الاقتتال دون جدوى لم يعد هناك بد من القبول المتبادل يبعضنا جملة دون تفصيل أو تفاصيل ، بمعنى أنه آن الأوان لهيمنة السياسة الإسلامية و مصالح و حاجات المسلمين على المذهبية و الطائفية و أنه آن  الأوان لمحاسبة النفس و أخذها بالحزم و لجمها بخطام المصلحة العامة التي تحسب بمقارنة الجهد و المردود .    
                                             

  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More