السبت، 11 يناير 2014

الاساءة إلى الرسول : بين التبرير و الانفلات


أحمد الرجيل

بين التبرير و ما ينطوي عليه من المشاركة في الوزر و تحمل تبعة و إثم الاقتراف ، و بين التهويل و المبالغة في ردة الفعل و التي وصلت عند البعض حد الدفع الجزيل لمن يأتي برأس كاتب ( الدين والتدين ولمعلمين ) توزعت التدوينات هذا الأسبوع على صفحات التواصل الاجتماعي وهو أمر يحمل من الخطر ما لا يقل عما تحمله الاساءة إلى الرسول صلى الله عليه و سلم في المقال المذكور . و بالرغم من الادانة الشديدة للمقال فان البت فيه جزائيا يبقى  لجهة واحدة و هي الدولة متمثلة في السلطات التنفيذية  ، و يظل واجبنا  كمسلمين و كموريتانيين قيم بهذا الجرم بينا أن ندينه و نعبر عن ذلك بشكل سلمي و أن نقف عند ذلك الحد، ونحترم لكل صلاحيته و اختصاصه بما في ذلك السلطات . كما أن التطاول على مكون اجتماعي وطني  على إفتراض أن الكاتب ينتمي إليه أمر مرفوض و مدان و كذلك محاولة توظيف هذه الاساءة الدنيئة ضد مطالبه المشروعة و التي نختلف معه في بعض آلياته و وسائله إليها إلا أننا نتفق معه ـ من حيث المبدأ ـ عليها.      

من جهة أخرى لم يترك الرجل مجالا للتأويل فلغته كانت صريحة و قاطعة و تساؤلاته عن الأسس التي بنيت عليها مواقف الرسول صلى الله عليه و سلم من مسائل متحدة في المنطلق و النتيجة لا تدعم ما ذهب إليه  البعض من افتراض لحسن نيته و إن كنت لا أجزم بسوئها , فحين يتكلم عن مسامحته لقريش رغم تكبيدها المسلمين خسائر بشرية و مادية فادحة و محاربتهم عقدا من الزمن , و استئصاله  بني قريظة لمجرد أنهم هموا بالأضرار  و لم يقع منهم ، و عن وحشي و هند و كيف أحتجب عن هذا و بش لتلك مستنتجا من ذلك التأثر بالبعد العشائري و تحكيم العاطفة وسيطرتها فيصبح من الصعب تبرئة النية لنا ـ على الاقل ـ و تبقى حقيقتها في علم الله تعالى . و جدير بالذكر هنا أن باب التوبة يظل مشرعا فضلا من الله و نعمة ، و أن هذه ليس دعوة لتجريد السيوف أو الألسنة عليه ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه و سلم أسوة حسنة حيث اورد أهل السير أنه أثناء تقسيم غنائم هوازن وثقيف   تقدم منه معترض لم تعجبه القسمة قائلا : (( إنك لم تعدل في هذه القسمة .. )) وهو ذو الخويصرة  كما أورد ابن الأثير الجزري في الكامل في التاريخ  و هي تصريح  بطغيان الظلم و الجور وغياب العدل  ـ حاشاه صلى الله عليه و سلم و عظم و مجد ـ حتى عرف الغضب في وجهه الشريف فقال :  (( من يعدل إذا لم أعدل )) ، وشد البعض مجاميع ثوبه حتى أضرت بعنقه و كان ذلك بحضور منهم أشد عليه غيرة منا اليوم ، فلم يقتل هذا و لم يمنع من العدل ذاك . ذلك هو النبي و ذلك خلقه ،  و أولئك هم أصحابه غيرة  ببصيرة في زمن الدين الحق و التدين الحق بلا " أمعلمين " و لا يحزنون . ندين من جديد الاساءة لنبينا كما ندين الدعوة إلى إقامة الحدود أو التعازير بيد الشعب او فرد منه مهما بلغ حبه للرسول فتلك مسؤولية الحكومة . و إن تولاها الشعب استحلنا غابة يتأول القوي منا كل قول ليهلك به نفس الضعيف و ماله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More