الاثنين، 12 يناير 2015

من أسباب الارهاب الخلط بين التبرير و التعليل

                                                                                                  
أحمد الرجيل
هناك فرق جلي بين التبرير و إيجاد المسوغ للأعمال الإرهابية التي تستهدف الغرب والشرق على حد سواء متجاوزة الفروق الاجتماعية و الثقافية القائمة بينهما و جاعلة من كل مخالف هدفا مشروعا وشرعيا بصرف النظر عن موقعه الديني و العقدي ، وبين التعليل الضروري الذي يرد في طيات أي حديث موضوعي عنها . ذلك أن التبرير هو إضفاء الشرعية على العمل و الموافقة عليه و تبنيه تصريحا أو تلميحا ، أما التعليل فهو تسليط الضوء عليه و إبراز العوامل المؤثرة فيه سلبا أو إيجابا وتبيان الفتائل التي تسعره و توجه دقته و تتحكم في سلوك صانعيه و مقترفيه دون أن يعني ذلك بالضرورة تبنيه أو الموافقة عليه شكلا أو مضمونا .

يجد المتابع للهجوم الإرهابي الذي تعرضت له الصحيفة الفرنسية أعماقه مسرحا لجملة من الأسئلة الموجهة إلى دعاة حوار الحضارات لعل أجوبتها تصحح نهجا خاطئا سار عليه العالم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 م ، ذلك النهج القسري الذي أوجبته العقيدة البوشية ـ و التعبير لديك تشيني نائبه في مأموريتيه ـ و دفعت إليه الجميع دفعا دونما روية أو تفكير، تلك العقيدة التي تقول و بعين حمراء ملؤها التلويح بعصا الويل و الثبور (( من ليس معنا فهو ضدنا )) و التي لم تفسح المجال لأي أحد أو تتيح له متسعا من الخيارات لقراءة ما حدث من زاويته و الإجابة على ما طرحه من تساؤلات بصورة اختيارية بعيدا عن الجبر و التلقين ، أسئلة كان من أبرزها و أبكرها طرحا و أكثرها تعقلا ((لماذا يكرهوننا ؟ )) سؤال كان يمكن أن يكون أصلا تتفرع عنه كافة المقاربات التي تستهدف القضاء على الإرهاب ـ أمنية كانت أم ثقافية ـ و بذات السرعة التي ظهر بها السؤال رغم مركزيته في أي حل مستديم تم سحبه بحجة أنه يقدم المبرر و يوجد العذر للإرهابيين و احتلت مكانه في الصدارة قاعدة بوش فجيشت بها الجيوش و حشدت بها الأحلاف فعربدت فى الكون آلات الموت و الخراب وانحنت لجبروتها الهامات   وانقلبت الدنيا رأسا على عقب و تغيرت العقائد السياسية و رحل كثيرون إلى العالم الآخر ـ حكاما و محكومين ـ و خيم الخوف على كل نفس و في كل مكان ، و كان مركز الجماعات الإسلامية المتشددة وقتئذ أفغانستان و بعض الجيوب هنا و هناك ، أما الآن فهي تتوفر مراكز ثقل معتبرة في باكستان و أفغانستان و مالي و نيجيريا و اليمن و الصومال ، و على مصادر دخل جيدة كالتي لديها في العراق و سوريا ، و الأهم من ذلك أن عمقها البشري لم يعد محصورا في الدول الإسلامية بل أصبح يتمدد باطراد داخل الدول الغربية ما يعني أنها أصبحت شريكا على الأرض ـ بغض النظر عن قيمة أسهمه في هذه الشراكة و حجمها ـ يقنع بنهجه و يجند لأهدافه أنصارا أكثر وعيا و تعلما و خطرا و أعمق فهما و إلماما بالمجتمعات الغربية و أقدر على التواري و تضليل أجهزة الاستخبارات . كل ذلك حققته هذه الجماعات في ظل نهج عام معاد لها عداء معلنا لم يدخر جهدا في محاربتها بهدف القضاء عليها و إنهاءها و كان نصيبه من الفشل عظيما . فإلى متى ستظل عملية كسر الإرادة هذه مستمرة على حساب العقل ؟ لماذا لا يتم وضع حد و سقف لحرية التعبير تأسيا بحدود حرية الانسان التي تنتهي من حيث تبدأ حرية الاخر أو عندما تهدد أمنه و مصالحه ؟ هل فشلت عقيدة بوش و بات من الضروري البحث عن بديل ؟ و أخيرا عود على بدء لماذا يكرهونكم ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More